منير الحجوجي
عندما انتصرت الرأسمالية نهاية الثمانينات بدأت – عبر خبراءها/مراكزها البحثية الكبرى- التفكير – من ضمن أمور معقدة كثيرة- في قضية تدبير/التحكم/التهام ل 6 مليار نسمة “الأخرى”.. كان واضحا بالنسبة لسادة العالم الجدد أنهم لن يحتاجوا في سبيل تشغيل/تحريك مركباتهم الصناعية و التجارية و المالية لأكثر من 10% من مجموع ساكنة الكوكب. ما العمل اذن بالفائض البشري الهائل؟ ب 90% المتبقية؟ لايمكن ترك ما لايقل عن 5 مليار نسمة لمصيرها، خارج اللعبة، خارج التحكم.. القطيع وهو في الخارج خطر جذري على الذئب.. يجب وضعه تحت المراقبة.. و المراقبة اللصيقة.. تم التفكير في تقنيتين لمنع تفجر أية سيولات انفلاتية/ثورية غير محسوبة.. كان لابد أولا من توفير الأكل في حد الادنى ( فكانت الانطلاقة المدوية للصناعات الغذائية – التخريبية كما نعلم).. لكن الأكل وحده لايكفي.. اقترح جيواستراتجيون الإشتغال على الاشباع النفسي/الابستمولوجي، من خلال توفير ما لا نهاية له من أشكال التسلية Entertainment.. وكان أول ما تم التفكير فيه هي صناعات الفرجة industries du spectacle . استدعيت “كرة القدم” ( و وسائل الهاء أخرى منها بشكل خاص الفرجة الموسيقية الشبابية المرحة التي لعبت قناة mtv دورا استراتيجيا في تعميمها كوكبيا محققة هدف الرأسمال الدولي في ربط قطاعات واسعة من شباب العالم إلى منتوجات/رموز الرأسمالية الانتاجية/الاستهلاكية) لما لها من قدرة عالية على هز/ضبط التوترات/السيولات الليبيدية للبشر.. ألقت الرأسمالية الدولية بالملايير في السوق الكروية.. خلقت قنوات متخصصة.. خلقت المشاهير.. وضعتهم في قلب الحدث.. غيرت جذريا من الاشكال التسويقية للعبة.. وشيئا فشيئاً بدأت أنظار الحشود المترامية تتجه نحو هذا المنتوج الاستهلاكي الذي بدأ يتبين انه يمنح فعلا احساسات/اشباعات نفسية/وجودية تعوض جذريا عن بؤس/شقاء الحياة اليومية، حياة/جهنم الهامش الكوكبي الكبير..